الوجه الثالث: يقول: "ولأنه لو كان مراده ذلك لقال: فوالله لئن جازاني ربي أو لئن عاقبني ربي ليعذبني". لو كان قصده ما قيل إنه بمعنى ضيَّق أو بمعنى قدَّر عليَّ العذاب، لقال: يا أبنائي افعلوا هذا، فوالله لئن جازاني ربي ليعذبني عذاباً شديداً، ولم يقل: لئن قدر علي، فتكون القدرة والتقدير خارجين عن المقصود، "كما هو الخطاب المعروف في مثل ذلك" يعني فالناس عادةً لا يلجئون إلى خطاب بعيد المعنى مع إمكان الخطاب بخطاب معروف واضح، وهذا الرجل لم يكن في مقام بلاغة، حتى يأتي بالمعاني البعيدة، بل في مقام موت، يريد أن يقول لأولاده شيئاً واضحاً سهلاً يفهمونه.